الجمعة، 27 سبتمبر 2019

فرعون اتهم موسى أنه يتاجر (بالدين) فقال : { إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) وأعلن خوفه من (فساد) مصر على يد موسى فقال { أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ) وصرح بوجود (مؤامرة دولية) على بلاده فقال : { إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا) واتهم موسى (بالتخابر) مع دول أجنبية فقال : { إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) وطلب من عبيده (التفويض) بقتل موسى فقال : { ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى ) وقاد (حملة إعلامية) شرسة واتهامات فقال : }إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ) واستخف قومه خفاف العقول بأنه الوحيد صاحب الرأي فيهم وأن لا يسألوا أحداً غيره عن مصر فقال: { مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى) واستعان (بالبلطجية) واشترطوا عليه : { قَالُوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ) ووافق على الفور وعرض عليهم (أعلى المناصب) فقال: { نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ) !!! ولأن دم المسلم أرخص شيء عندهم قال: { سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ) ولأن الناس وقتها كانت خفيفة عقولهم يأسوا من قلة الوقود والزاد فقالوا: { أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ) ولأن الله رحيم ابتلاهم بالغلاء والمصائب ليرجعوا قبل أن يدخلوا النار فقال: { وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) ورغم ذلك كلما جاءتهم مصيبة قالوا أن "موسى" وإخوانه هم السبب: { فَإِذَا جَاءَتْهُمْ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى ) فهل انتهت هنا القصة ؟! لا .. فبعد كل هذا التضليل يبقى موسى عليه السلام هو موسى ... وفرعون الطاغية هو فرعون .. ولا بد للقصة من نهاية سواء طالت أم قصرت .. فنهاية الظلم معروفة : "عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون" وأخيراً.... : ( وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ..  ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ )                ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ).

الأحد، 22 سبتمبر 2019

الكليات الخمس
أتى الشرع بحفظ الكليات الخمس وهي :- 




1- الدين :
وهو حفظ دين المرء وفى ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه ولذا كان الحد عن المجاهرة بالكفر القتل حتى لا يكون الدين لعبة والسبب فى ذلك حفظ المجتمع من فساد انعدام الدين الذى يؤدي الى كل كارثة والى كل الكوارث التى تحيق بالانسان 
2- النفس :
 حفظ النفس اى نفس فى الاسلام كان النهي الواضح والصريح عن التجرؤ على الجريمة الاكبر فى البشرية وهة قتل النفس ولذا لم يحكم على اى احد قط بالتخليد فى النار الا مرتكب هذه الكبيرة وهى قتل النفس ولذا تجد ان الشرع قد شدد على هذا الامر فقال تعالي 
(ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها  وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما )
وحديثه صلى الله عليه وسلم لايزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما 
لذا حرص الاسلام كل الحرص على سلامة الانسان والبعد عن كل ما يؤذيه 

3- العقل : حفظ العقل كان احد المحاور التى عمل الاسلام عليها فكان حريصا على البعد عن اى شيئ يذهب بالعقل او  يغيبه ( سواء ان كان خمرا يشرب او هواء يستنشق او حبوب تبلع ) حتى لا يغيب عن احد ان الهدف هو الحفاظ على العقل وان الخمر المشروب ما هو الا القاعدة التى انطلق منها التحريم 

4- المال : الهدف من الحفاظ على  المال ان يبنى المجتمع بشكل سليم فلا يجوز لاى احد الاعتداء على اخيه او الاعتداء على ماله  وجعل من العقاب الذي يراه البعض قاسيا ضرورة لمنع الاستيلاء على مال الغير وزجر من تسول له نفسه الاعتداء على المال الخاص 

5- العرض :
حرم الشرع فى جميع الاديان السماوية جريمة الزنا واستوجبت العقاب بل حرم كل ما يقرب منها فقال تعالى (ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا )
وكل ما يرد فى الحفاظ على العرض فى الاسلام بداية من غض البصر وحفظ الفرج ومنع الاختلاط بين الرجال والنساء ولذا سنجد ان الاسلام احاط الاعراض بسياج العفة لكل من الرجل والمرأة على السواء 
 
لذا في ميزان الشرع كل ما يعرض كل هذه الاشياء للخطر فهو حرااام 
وهذا هو الهدف الذي يريد الشرع الحفاظ عليه وهو الحفاظ على اعراض الناس ودينهم ومالهم ودماءهم واموالهم 

 


الجمعة، 23 أغسطس 2019

حريق غابات الامازون

آخرها حريق الأمازون.. النيران تلتهم غابات العالم في شهر

آخرها حريق الأمازون.. النيران تلتهم غابات العالم في شهر
حرائق غابات الأمازون

للأسبوع الثالث على التوالي، تستمر حرائق غابات الأمازون المطيرة في البرازيل، التي تعرف باسم "رئة الأرض" حيث تبلغ مساحتها نحو 5.5 مليون كيلو متر مربع، وتنتج حوالي 20% من الأكسجين، في واحدة من الحرائق التي يعتبرها الكثيرون كارثة بيئية كبرى.
حرائق غابات الأمازون تعد استمرارًا لسلسلة الحرائق التي شهدتها الغابات في العديد من دول العالم خلال الشهر الأخير، والتي بدأت في فرنسا خلال الموجة الحارة التي أصابت البلاد، والتي تسببت في اشتعال حرائق الغابات بها، حيث اشتعلت النيران بحوالي 480 كيلو من الغابات في مقاطعة غارد جنوب فرنسا، فيما تم إجلاء 190 شخصا.
وفي روسيا، اندلعت حرائق هائلة في غابات سيبيريا مطلع شهر أغسطس الجاري، أدت لالتهام حوالي 30 ألف كيلو متر من الغابات، استخدمت السلطات الروسية في إطفائها طائرات من طراز "إيليوشن إيل-76" ومروحيات من طراز "مي-8"، والتي نفذت عشرات الطلعات وأسقطت آلاف الأطنان من الماء على الغابات التى اجتاحتها النيران، وفقًا لما نقتله وكالة أنباء "تاس"، عن وزارة الدفاع الروسية.
وفي اليونان، دمرت حرائق الغابات مناطق واسعة بجزيرة "وابية"، وأخلت السلطات عدة قرى، قبل أن تمتد الحرائق إلى العاصمة أثينا وجزيرة "زاكينثوس" غرب البلاد، وطلبت الحكومة اليونانية مساعدة من الدول الأوروبية في إطفاء الحرائق.
حرائق الغابات خلال الشهر الأخير وصلت إلى إسبانيا، حيث انتشرت الحرائق في جزيرة "كناريا الكبرى" بجزر الكناري، بعدما بدأت قرب بلدة "تيخيدا"، ثم بدأ في الانتشار في عدة اتجاهات، ما أدى لإجلاء حوالي 8 آلاف شخص من السكان.
وشاركت 16 طائرة وأكثر من 700 رجل إطفاء في جهود السيطرة على النيران التي وصلت ألسنتها إلى ارتفاع 50 مترا، والتهمت النيران أكثر من 34 كيلو متر من الأراضي بمنطقة جبلية بوسط الجزيرة ولم تصل إلى الساحل المزدحم بالسائحين، وفقًا للمتحدثة باسم سلطات الطوارئ في المنطقة.

هل تستمر الدولة بخفض سعر الفائدة

قال حسن مبروك نائب رئيس شركة "يونيفرسال" لصناعة الأجهزة الكهربائية: "القرار إيجابي إلى حد ما، لكن أسعار الفائدة بعد الخفض لازالت مرتفعة. أسعار الفائدة المشجعة للاستثمار تدور بين 10 و12 بالمئة".
ووصف هاني برزي رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية ورئيس مجلس إدارة شركة "إيديتا" الغذائية، واحدة من أكبر الشركات الغذائية في مصر، قرار المركزي بأنه "إيجابي للغاية للاقتصاد المصري والاستثمار".
كما قال محمود منتصر نائب رئيس بنك الاستثمار القومي، إن "خفض الفائدة سيعقبه نشاط في الاقتراض من جانب المستثمرين ويشجعهم على تنفيذ مشاريعهم التي تأجلت بسبب ارتفاع تكلفة التمويل".
وأضاف برزي: "الأسعار الحالية للفائدة ليست الأفضل، وكلما تراجعت كلما بعثت برسائل إيجابية للاستثمار".
وتسعى مصر لحث المستثمرين على ضخ استثمارات جديدة في ظل إجراءات تقشفية اتخذتها خلال السنوات الماضية.
وتوقع تامر بدر الدين رئيس مجلس إدارة البدر للبلاستيك، ارتفاع الاستثمارات والسيولة والقوة الشرائية بالسوق، واتجاه رؤوس الأموال للبحث عن فرص استثمارية بديلة للادخار بالبنوك.
فيما يرى أشرف الجزايرلي رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، المدير التنفيذي لشركة "يونيليفر مصر"، أن بداية تراجع أسعار الفائدة خبر ممتاز للقطاع الصناعي "سيؤدي لإعادة نظر الشركات في تقييم استثماراتها والتوسعات الجديدة التي كان يصعب القيام بها في ظل أسعار فائدة مرتفعة".
وأوضح لـ"رويترز": "أسعار الفائدة لا تزال مرتفعة لكن الخفض يعطي مؤشرا جيدا للمستثمرين المحليين والأجانب. نأمل في استمرار خفض أسعار الفائدة حتى تعود لمستويات ما قبل 2011".

الاثنين، 19 أغسطس 2019

قنبلة هيدروجينية بسوق العقارات المصرية

بعد  تاكيد الانباء عن اعتزام الحكومة المصرية بتخفيض سعر الفائدة لتعود اقل مما كانت عليه فى الماضي لتصل الى حوالى 7% بدلا من 14 % فى الوقت الحالي يتوقع الجميع ان تضخ كل هذه الاموال فى السوق العقاري الذى شهد ركودا بسبب كثرة المعروض وقلة الطلب وذلك بسبب اما ارتفاع الاسعار او ان هناك مصادر اكثر استقرارا لتحقيق عوائد مثل البنوك 

الثلاثاء، 13 أغسطس 2019

الانفجار النووي بروسيا الذي لم تعلن عنه السلطات الا بعده بيومين

أفادت وكالة تاس الروسية للأنباء، الثلاثاء، بارتفاع مستويات الإشعاع فيمدينة سيفيرودفينسكبما يصل إلى 16 مرة في الثامن من أغسطس الجاري، بعد حادث قالت السلطات إنه يتعلق باختبار صاروخ على منصة بحرية.
كانت وزارة الدفاع قالت في بادئ الأمر إن الإشعاع ظل عند مستويات طبيعية بعد الحادث، الذي وقع يوم الخميس، لكن سلطات المدينة في سيفيرودفينسك بشمال روسيا قالت إن ارتفاعا في مستويات الإشعاع طرأ لفترة وجيزة.
طبيعية بعد الحادث، الذي وقع يوم الخميس، لكن سلطات المدينة في سيفيرودفينسك بشمال روسيا قالت إن ارتفاعا في مستويات الإشعاع طرأ لفترة وجيزة.
وقالت منظمة السلام الأخضر (جرينبيس) إن مستويات الإشعاع ارتفعت نحو 20 مرة.
وذكرت وكالة الطقس الروسية، الثلاثاء، أنها تعتقد أن مستويات الإشعاع ارتفعت من أربعة إلى 16 مرة.
ووقع الحادث الخميس في منشأة عسكرية في منطقة القطب الشمالي على سواحل البحر الأبيض، إلا أن السلطات الروسية انتظرت حتى السبت لكي تقر بأنه نووي.
وأكّد رئيس الوكالة الاتحادية للطاقة الذرية الروسية "روساتوم"، أمس الاثنين، أن الخبراء الخمسة الذين قضوا الأسبوع
الماضي في انفجار كانوا يعملون على تطوير أسلحة جديدة، متعهدًا مواصلة الاختبارات حتى النهاية.
وأعلنت وكالة "روساتوم" أن الحادث وقع أثناء اختبار صاروخ على منصة بحرية قبالة سواحل منطقة "أرخانغيلسك" في أقصى الشمال الروسي. وأوضحت أن الوقود انفجر وقد ألقى عصف الانفجار بعناصر في البحر.
وأكدت بلدية مدينة "سفرودفنسك" القريبة من القاعدة العسكرية أن أجهزتها للاستشعار "سجلت ارتفاعا لوقت قصير في التلوث الإشعاعي"، مما أثار حالة هلع لدى السكان الذين سارعوا لشراء مادة اليود المضادة للإشعاعات.

توقيف مسؤولين في حملة نافالني

الاثنين، أصدرت محكمة روسية حكما على نافالني قضى بسجنه 20 يوما بعد إدانته بالدعوة إلى المشاركة في مظاهرة غير مرخص لها. وقال المعارض الروسي بعد دقائق من صدور الحكم "إنها هدية عيد الميلاد لبوتين". وفي الأسابيع الأخيرة كثف المعارض الذي يندد بفساد النخب الروسية منذ سنوات اللقاءات الشعبية من أجل توسيع قاعدته الانتخابية في مدن روسية كثيرة.
ووصف المخرج الروسي أندريه زفياغينسيف الذي حاز جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي عن فيلمه "في غياب الحب"، الملاحقات ضد نافالني بـ"المقيتة"، في تسجيل فيديو بثه فريق حملة نافالني.
ونظمت المظاهرة الأكثر رمزية في سان بطرسبورغ ثاني كبرى مدن البلاد، مسقط رأس الرئيس الروسي والتي شهدت صعود نجمه السياسي. ومنعت السلطات المظاهرة في ساحة "حقل مارس" (مارسوفو بوليي) في قلب عاصمة الأباطرة السابقة، على غرار بقية التظاهرات. لكن قبل بدء المظاهرة أوقفت السلطات مسؤولين اثنين من حملة نافالني صباح السبت يتوقع مثولهما أمام قاض، 

روسيا: اعتقال أكثر من 235 متظاهرا ضد بوتين في ذكرى ميلاده

اعتقلت السلطات الروسية السبت 235 شخصا في 25 مدينة خلال مظاهرات ضد الرئيس بوتين يوم ذكرى ميلاده، وفق منظمة "أو في دي-أنفو"، بينهم 66 على الأقل في مسقط رأسه سان بطرسبورغ ثاني مدن البلاد. وجاءت هذه المظاهرات تلبية لدعوة وجهها المعارض الروسي الموقوف أليكسي نافالني.
إعلان
قالت منظمة غير حكومية إن 66 شخصا على الأقل تم اعتقالهم من قبل الشرطة الروسية في مدينة سان بطرسبورغ، ثاني مدن البلاد ومسقط رأس الرئيس فلاديمير بوتين، خلال تظاهرهم ضد الرئيس تلبية لدعوة من المعارضأليكسي نافالني.
وقرابة الساعة 17:00 ت غ، بلغ عدد الموقوفين 66 شخصا، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي للمعارضين الموقوفين في روسيا إلى 235، وفق ما قال أرتيوم بلاتوف الناطق باسم منظمة "أو في دي-أنفو". وقال لوكالة فرانس برس "هؤلاء هم الأشخاص الذين لدينا معلومات مؤكدة عنهم".
وأفاد شهود أن الشرطة فرقت بعنف التظاهرة التي شارك فيها نحو ثلاثة آلاف شخص ونقلت الموقوفين بشاحناتها كما أصيب عدد من المتظاهرين بجروح أثناء فرارهم للاحتماء. ويتناقض ذلك مع تظاهرة جرت في موسكو حيث أبدت الشرطة ضبطا للنفس وسمحت للمتظاهرين بالسير في وسط المدينة.
ودعا المعارض المسجون نافالني إلى هذه التظاهرات في عدة مدن أخرى بمناسبة عيد ميلاد الرئيس بوتين الـ65. وحض المتظاهرون 

اعتداءت الشرطة الروسية على المتظاهرين

قامت الشرطة الروسية بموسكو وبالعديد من ساحات التظاهر التى خرج اليها كثير من الشباب الناقم على الوضع القائم للحكم الفردي بروسيا وضد نظام بوتين الحالي وسعيا لوضع اقتصادى افضل  

السبت، 10 أغسطس 2019

حدد المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية مواقيت صلاة عيد الأضحى المبارك، الأحد، في محافظات ومدن جمهورية مصر العربية، حيث ستكون في مدينة القاهرة والجيزة في تمام الساعة الخامسة و٤٥ دقيقة بالتوقيت المحلي

الجمعة، 9 أغسطس 2019

كتاب الصَّيْد والذبائح والضحايا والأطعمة (بمناسبة عيد الاضحي )

كفاية الأخيار في حل غاية الإختصار
كتاب الصَّيْد والذبائح والضحايا والأطعمة
بَاب الزَّكَاة وَالصَّيْد فصل مَا قدر على ذَكَاته فذكاته فِي حلقه ولبته وَمَا لَا يقدر على ذَكَاته فذكاته حَيْثُ قدر عَلَيْهِ
الأَصْل فِي الصَّيْد قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} وَهُوَ أَمر إِبَاحَة لِأَنَّهُ أَمر بعد التَّحْرِيم إِذْ الْقَاعِدَة الْأُصُولِيَّة أَن الْأَمر بعد الْحَظْر للْإِبَاحَة وَالْأَصْل فِي الذَّبَائِح قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} وَلَا شكّ أَن المذكي من الطَّيِّبَات وأجمعت الْأمة عَلَيْهَا وَأما السّنة فكثيرة فِي ذَلِك وسنوردها فِي محلهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَذَا نذْكر أَمر الضَّحَايَا والأطعمة
إِذا عرفت هَذَا فالحيوان الَّذِي يحل بالذكاة تَارَة يقدر على ذَكَاته وَتارَة لَا يقدر فَإِن قدر على ذَكَاته فَلَا بُد مِنْهَا والذكاة الذّبْح وَمحله الْحُلْقُوم واللبة فَلَا بُد فِي حل الْحَيَوَان من قطع جَمِيع الْحُلْقُوم والمريء بِآلَة لَيست عظما وَلَا ظفرا وَسَيَأْتِي إِيضَاح هَذَا وَأما مَا لَا يقدر على ذبحه فِي الْمحل الْمَذْكُور فَهُوَ نَوْعَانِ
أَحدهمَا الصيود وَسَتَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى
النَّوْع الثَّانِي غير الصيود بِأَن ند الْبَعِير أَو الجاموس أَو شَردت الشَّاة وَتعذر الْوُصُول إِلَيْهَا لإفضائها إِلَى مهلكة أَو مسبعَة أَو وَقعت بَهِيمَة فِي بِئْر وَنَحْوهَا وَتعذر إخْرَاجهَا حَيَّة وَلم يتَمَكَّن من ذَبحهَا فَحكمه حكم البعر المتوحش فَيحل عقر ذَلِك كُله سَوَاء أصَاب المذبح أم لَا وَصَارَت كلهَا منحرا وَقد ورد عَن أبي العشراء عَن أَبِيه أَنه قَالَ يَا رَسُول الله أما تكون الذَّكَاة إِلَّا فِي الْحلق واللبنة
(1/515)


فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو طعنت فِي فَخذهَا أَجْزَأَ عَنْك قَالَ أَبُو دَاوُد وَهَذَا لَا يَصح إِلَّا فِي المتردية والمتوحش وَورد أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أصَاب نهباً فند مِنْهَا بعير وَلم يكن مَعَهم خيل فَرَمَاهُ رجل بِسَهْم فحبسه أَي فَمَاتَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لهَذِهِ الْبَهَائِم أوابد كأوابد الْوَحْش فَمَا فعل مِنْهَا هَكَذَا فافعلوا بِهِ مثل ذَلِك وروى وَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا والأوابد هِيَ الَّتِي تأبدت أَي توحشت وَهل يشْتَرط فِي الْجرْح الَّذِي يُفِيد الْحل فِي المتردية والناد أَن يكون مذففاً أم يَكْفِي جرح مدم يجوز وُقُوع الْقَتْل فِيهِ فِيهِ وَجْهَان وَالصَّحِيح الثَّانِي لِأَنَّهُ يحصل الْمَقْصُود بِخُرُوجِهِ عَن كَونه ميتَة وَلَو أرسل كَلْبا على الناد حل وَلَو أرْسلهُ على المتردي فَوَجْهَانِ صحّح النَّوَوِيّ التَّحْرِيم وَنقل ابْن الرّفْعَة عَن النَّوَوِيّ أَنه صحّح الْحل وَهُوَ سَهْو وَالله أعلم
(فرعان) أَحدهمَا تردى بعير فَوق بعير فغرز رمحاً فِي الأول فنفذ إِلَى الثَّانِي قَالَ القَاضِي حُسَيْن إِن كَانَ عَالما بِالثَّانِي حل وَكَذَا إِن كَانَ جَاهِلا على الْمَذْهَب كَمَا لَو رمى صيدا فنفذ مِنْهُ وَأصَاب الآخر
(فرع الثَّانِي) إِذا صال عَلَيْهِ صيد أَو بعير فَدفعهُ عَن نَفسه وجرحه فَقتله قَالَ القَاضِي حُسَيْن فَالظَّاهِر الْحل إِن أصَاب المذبح وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَالله أعلم قَالَ
(وَكَمَال الذَّكَاة أَرْبَعَة أَشْيَاء قطع الْحُلْقُوم والمريء والودجين والمجزئ مِنْهَا شَيْئَانِ قطع الْحُلْقُوم والمريء)
الذَّكَاة فِي اللُّغَة التَّطَيُّب من قَوْلهم رَائِحَة ذكية أَي طيبَة فَسُمي بهَا الذّبْح لتطيب أكله بِالْإِبَاحَةِ وَفِي الشَّرْع قطع مَخْصُوص قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَقَالَ النَّوَوِيّ معنى الذَّكَاة فِي اللُّغَة التتميم فَمَعْنَى ذَكَاة الشَّاة ذَبحهَا التَّام الْمُبِيح وَمِنْه فلَان ذكي أَي تَامّ الْفَهم
إِذا عرفت أَن الذَّكَاة فِي الشَّرْع قطع مَخْصُوص فَهَذَا الْمَقْطُوع تَارَة يكون مُعْتَبرا للفضيلة وَتارَة يكون مُعْتَبرا لأجل الْأَجْزَاء فَالْمُعْتَبر لأجل الْأَجْزَاء قطع جَمِيع الْحُلْقُوم والمريء فالحلقوم هُوَ مجْرى النَّفس خُرُوجًا ودخولاً والمريء مجْرى الطَّعَام وَالشرَاب وَهُوَ تَحت الْحُلْقُوم وراءهما عرقان فِي صفحتي الْعُنُق يحيطان بالحلقوم وَقيل بالمرىء يُقَال لَهما الودجان فَيُسْتَحَب قطع الودجين مَعَ
(1/516)


الْحُلْقُوم والمريء لِأَنَّهُ أُوحِي وَالْغَالِب أَنَّهُمَا ينقطعان بِقطع الْحُلْقُوم والمريء فَإِن تَركهمَا جَازَ وَلَو ترك شَيْئا يَسِيرا من الْحُلْقُوم أَو المريء وَمَات الْحَيَوَان فَهُوَ ميتَة وَكَذَا لَو انْتهى إِلَى حَرَكَة الْمَذْبُوح فَقطع الْمَتْرُوك فَهُوَ ميتَة وَفِي وَجه أَن الْيَسِير لَا يضر وَاخْتَارَهُ الرَّوْيَانِيّ وَالصَّحِيح الأول وَقَالَ الاصطخري يَكْفِي قطع الْحُلْقُوم أَو المريء لِأَن الْحَيَاة تفقد بفقد أَحدهمَا وَهُوَ ضَعِيف وَلَا بُد من قطع جَمِيعهَا كَمَا تقدم لِأَن مَا قَالَه تَعْذِيب للحيوان وَالْمَقْصُود تَعْجِيل التَّوْجِيه بِلَا تَعْذِيب وَالله أعلم
(تَنْبِيه) لَا بُد فِي الْمَذْبُوح أَن يكون فِيهِ حَيَاة مُسْتَقِرَّة فَلَو انْتهى إِلَى حَرَكَة الْمَذْبُوح لم يحل وَإِن ذبح وَقطع مِنْهُ جَمِيع الْحُلْقُوم والمريء فَإِن قلت فَمَا الْحَيَاة المستقرة وَمَا حَرَكَة الْمَذْبُوح فَالْجَوَاب قَالَ النَّوَوِيّ ذكر الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَابْن الصّباغ والعمراني وَغَيرهم أَن الْحَيَاة المستقرة مَا يجوز أَن يبْقى مَعَه الْحَيَوَان الْيَوْم واليومين فَإِن ذكيت حلت وَقَالَ قبل ذَلِك إِذا جرح السَّبع شَاة أَو انْهَدم سقف على بَهِيمَة فذبحت إِن كَانَ فِيهَا حَيَاة مُسْتَقِرَّة حلت وَإِن تَيَقّن أَنَّهَا تهْلك بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ فَإِن لم تكن فِيهَا حَيَاة مُسْتَقِرَّة لم تحل على الْمَذْهَب الْمَنْصُوص الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور وَإِن شكّ هَل فِيهَا حَيَاة مُسْتَقِرَّة أم لَا فَالصَّحِيح التَّحْرِيم للشَّكّ فِي الذَّكَاة المبيحة وَمن العلامات الدَّالَّة على الْحَيَاة المستقرة الْحَرَكَة الشَّدِيدَة وانفجار الدَّم وتدفقه بعد الذّبْح المجزي وَصحح أَنه تَكْفِي الْحَرَكَة الشَّدِيدَة وَحدهَا
قلت قَالَ ابْن الصّباغ بِأَن الْحَيَاة المستقرة بِحَيْثُ لَو تركت لبقيت يَوْمًا أَو بعض يَوْم وَغير المستقرة أَن تَمُوت فِي الْحَال قَالَ ابْن الرّفْعَة وَقَالَ غَيره أَن لَا يَنْتَهِي إِلَى حَرَكَة المذبوحين وَقَالَ فِي المرشد يعرف بشيئين أَن يكون عِنْد وُصُول السكين إِلَى الْحُلْقُوم تطرف عينه ويتحرك ذَنبه وَأما حَرَكَة الْمَذْبُوح بِأَن يَنْتَهِي الْآدَمِيّ إِلَى حَالَة لَا يبْقى مَعهَا إبصار ونطق وحركة اختيارية لِأَن الشَّخْص قد يقد نِصْفَيْنِ وَيتَكَلَّم بِكَلَام مُنْتَظم إِلَّا أَنه غير صادر عَن روية وَاخْتِيَار وَالله أعلم
(مَسْأَلَة) مَرضت شَاة وَصَارَت إِلَى أدنى الرمق وذبحت حلت قطعا لِأَنَّهُ لم يُوجد سَبَب يُحَال عَلَيْهِ الْهَلَاك وَلَو أكلت شَاة نباتاً مضراً فَصَارَت إِلَى أدنى الرمق فذبحت قَالَ القَاضِي حُسَيْن مرّة فِي حلهَا وَجْهَان وَجزم مرّة بِالتَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ وجد سَبَب يُحَال عَلَيْهِ الْهَلَاك فَصَارَ كجرح السَّبع قَالَ
(وَيجوز الِاصْطِيَاد بِكُل جارحة معلمة من سِبَاع الْبَهَائِم وجوارح الطير وشرائط تعليمها أَربع أَن تكون إِذا أرْسلت استرسلت وَإِذا زجرت انزجرت وَإِذا قتلت لم تَأْكُل مِنْهُ ويتكرر ذَلِك مِنْهَا فَإِن عدمت إِحْدَى الشَّرَائِط لم يحل إِلَّا أَن يدْرك حَيا فيذكى)
يجوز الِاصْطِيَاد بجوارح السبَاع كَالْكَلْبِ والفهد والنمر وَغَيرهَا وبجوارح الطير كالصقر
(1/517)


والشاهين والباز لقَوْله تَعَالَى {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الْآيَة قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا الْجَوَارِح الْكلاب والطيور المعلمة مُشْتَقَّة من الْجرْح وَهُوَ الْكسْب لكسب أَهلهَا بهَا وَمِنْه {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} أَي كسبتم وَقيل من الْجراحَة وَقَوله مُكَلِّبِينَ قيل من التكليب وَهُوَ الإغراء وَقيل من التضرية يُقَال تكلب إِذا ضرى ورد عَنهُ عدي بن حَاتِم قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد صيد الباز فَقَالَ مَا أمسك عَلَيْك فَكل ورد عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أرْسلت كلبك فاذكر اسْم الله فَإِن أمسك عَلَيْك فَأَدْرَكته حَيا فاذبحه وَإِن أَدْرَكته قد قتل وَلم يَأْكُل مِنْهُ فَكل وَقيل لَا يحل صيد الْكَلْب الْأسود البهيم لأَمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتْله وَالْمذهب الأول وَالْخَبَر مَحْمُول على غير الْمعلم أَو الْعَقُور
وَاعْلَم أَن المُرَاد بِجَوَاز الِاصْطِيَاد بهَا أَن مَا أَخَذته وجرحته وأدركه صَاحبهَا مَيتا أَو فِي حَرَكَة مَذْبُوح أَنه يحل أكله وَيقوم إرْسَال الصَّائِد وجرح الْجَارِح فِي أَي مَوضِع كَانَ مقَام الذّبْح وَيشْتَرط فِي كَون الْكَلْب معلما أُمُور مِنْهَا أَن يكون بِحَيْثُ أَن يسترسل بإرساله وَمَعْنَاهُ أَنه إِذا أغراه بالصيد هاج وَمِنْهَا أَن يكون بِحَيْثُ إِذا زَجره انزجر وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَب وَمِنْهَا أَنه إِذا أمْسكهُ لم يَأْكُل مِنْهُ على الْمَشْهُور ويحسبه على صَاحبه وَلَا يخليه
ثمَّ هَذِه الْأُمُور يشْتَرط تكررها فِي التَّعْلِيم ليغلب على الظَّن تأدب الْجَارِحَة وَالرُّجُوع فِي عدد ذَلِك إِلَى أهل الْخِبْرَة على الصَّحِيح وَقيل يشْتَرط تكَرر ذَلِك ثَلَاثًا وَقيل مرَّتَيْنِ وَلَو ظهر أَنه معلم ثمَّ أكل من صيد قبل قَتله أَو بعده فَفِي حل ذَلِك الصَّيْد قَولَانِ الْأَظْهر لَا يحل قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وددت لَو فصل مفصل بَين أَن يكف زمَان لم يَأْكُل وَبَين أَن يَأْكُل بِنَفس الْأكل لَكِن لم يتَعَرَّضُوا لَهُ كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الإِمَام قَالَ النَّوَوِيّ وَقد فصل الجرحاني وَغَيره فَقَالُوا إِن أكل عقب الْقَتْل فَفِيهِ الْقَوْلَانِ وَإِلَّا فَيحل قطعا وَالله أعلم وَإِذا قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ فَلَا بُد من اسْتِئْنَاف التَّعْلِيم وَلَا يَنْعَطِف التَّحْرِيم على مَا اصطاده من قبل وَلَو أكل حَشْو الصَّيْد فَفِيهِ قَولَانِ قيل لَا يضر لِأَنَّهَا غير مَقْصُودَة وَالصَّحِيح أَنه على الْقَوْلَيْنِ فِي الْأكل من اللَّحْم وَلَو لعق الدَّم لم يضر على الْمَذْهَب وَلَو أَرَادَ الصَّائِد أَخذ الصَّيْد مِنْهُ فَامْتنعَ وَصَارَ يضارب وَيُقَاتل دونه فَهُوَ كَالْأَكْلِ قَالَه الْقفال وَالله أعلم
(1/518)


وَقَوله فَإِن عدمت إِحْدَى الشَّرَائِط لم يحل لِأَن الْمَشْرُوط يفوت بِفَوَات شَرطه وَالشّرط الْمركب يفوت بِفَوَات جُزْء من أَجْزَائِهِ فَإِذا أدْركهُ حَيا وذبحه حل 2 كَسَائِر الصيود الْمَقْدُور عَلَيْهَا وَالله أعلم
(فرع) مَوضِع عض الْكَلْب من الصَّيْد نجس يجب غسله سبعا مَعَ التعفير بِالتُّرَابِ كَغَيْرِهِ فَإِذا غسل حل أكله هَذَا هُوَ الْمَذْهَب الْمَشْهُور وَقيل إِنَّه نجس مَعْفُو عَنهُ وَقيل طَاهِر وَقيل نجس لَا يُمكن تَطْهِيره بل يجب تقوير ذَلِك الْموضع ورميه لِأَنَّهُ تشرب لعاب الْكَلْب فَلَا يتخلله المَاء وَقيل غير ذَلِك وَالله أعلم
(فرع يُؤْخَذ مِمَّا تقدم إِلَّا أَنا نقصد إيضاحه) إِذا قتلت الْجَارِحَة الصَّيْد بثقلها وَمَات فَفِي حلّه قَولَانِ أَحدهمَا يحرم لمَفْهُوم قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مَا أنهر الدَّم وَذكر اسْم الله عَلَيْهِ فَكُلُوا وَالصَّحِيح الْحل لعُمُوم قَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} وَلِأَنَّهُ يعز تَعْلِيمه بِأَن لَا يقتل إِلَّا جرحا وطرد الْخلاف فِيمَا لَو عض وَلم يجرحه أَو ضمه فَمَاتَ قَالَ مجلي وطرد بَعضهم الْقَوْلَيْنِ فِيمَا لَو مَاتَ الصَّيْد فَزعًا من الْجَارِحَة قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون كموته تبعا فَإِنَّهُ لَا يحل قطعا وَالله أعلم قَالَ
(وَتجوز الذَّكَاة مَا يجرح إِلَّا بِالسِّنِّ وَالظفر)
يجوز الذّبْح بِكُل مَاله حد يقطع سَوَاء كَانَ من الْحَدِيد كالسيف والسكين وَالرمْح أَو من الرصاص أَو النّحاس أَو الذَّهَب أَو الْخشب المحدد أَو الْقصب أَو الزّجاج أَو الْحجر فَيحل الذّبْح بذلك كُله وَيحل الصَّيْد الْمَقْتُول بهَا إِلَّا السن وَالظفر وَبَقِيَّة الْعِظَام فَإِنَّهُ لَا يحل بهَا سَوَاء فِي ذَلِك عظم الْآدَمِيّ أَو غَيره وَسَوَاء فِي ذَلِك الْمُنْفَصِل والمتصل وَاحْتج لذَلِك بِحَدِيث رَافع بن خديج قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّا نلقى الْعَدو غَدا وَلَيْسَ مَعنا مدى فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أنهر الدَّم وَذكر اسْم الله عَلَيْهِ فَكُلُوا مَا لم يكن سنا أَو ظفراً أما السن فَعظم وَأما الظفر فمدى الْحَبَشَة فِي حَدِيث طَوِيل وَيسْتَثْنى من ذَلِك مَا قتلته الْجَارِحَة كَلْبا كَانَ أَو غَيره بسنها أَو ظفرها فَإِنَّهُ يحل للْحَاجة وَقيل يحل الذّبْح بسن مَا يُؤْكَل لَحْمه لِأَنَّهُ لَهُ حدا يقطع وَهُوَ شَاذ ضَعِيف وَالْمذهب الأول وَالله أعلم
(فَائِدَة) اخْتلف الْعلمَاء فِي معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما السن فَعظم فَعَن الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام أَنه قَالَ للشَّرْع علل تعبدنا بهَا كَمَا أَن لَهُ أحكاماً تعبدنا بهَا وَقَالَ غَيره ورد الشَّرْع بِمَنْع الِاسْتِنْجَاء بالعظم لكَونه زَاد الْجِنّ وَمَا ذَاك إِلَّا للنَّجَاسَة وَالدَّم بِهَذِهِ المثابة وَقَالَ ابْن الرّفْعَة الَّذِي
(1/519)


يظْهر أَنه كَانَ الذّبْح عِنْدهم بالعظم لَا يجوز وَأَن حكمته أَن لَا يكون موت الْحَيَوَان بِبَعْضِه مبيحاً لَهُ على أَن سِيَاق حَدِيث رَافع يدل على أَن الْمَعْهُود عِنْدهم أَنه لَا ذَكَاة إِلَّا بالمدية وَالله أعلم قَالَ
(وَيحل ذَكَاة كل مُسلم وكتابي وَلَا يحل ذَكَاة مَجُوسِيّ وَلَا وَثني)
يعْتَبر فِي الذَّابِح لحل الذَّبِيحَة إِمَّا كَونه مُسلما أَو كتابيا سَوَاء كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا وَسَوَاد ذبح مَا هُوَ حَلَال عندنَا وَعِنْدهم أَو مَا هُوَ حَلَال عندنَا دونهم كَالْإِبِلِ
وَالْأَصْل فِي ذَلِك قَوْله تَعَالَى {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} وَقَوله تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} وَالْمرَاد بِالطَّعَامِ هُنَا الذَّبَائِح وَأما تَحْرِيم ذَبَائِح الْمَجُوس فالدليل عَلَيْهِ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سنوا بهم سنة أهل الْكتاب غير آكِلِي ذَبَائِحهم وناكحي نِسَائِهِم والوثني لَا كتاب لَهُ وَكَذَا الْمُرْتَد وَلِهَذَا لَا تعقد لَهُم الْجِزْيَة فهما أَسْوَأ حَالا من الْمَجُوس وَكَذَا لَا يحل ذبح نَصَارَى الْعَرَب وهم نَجْرَان وتنوخ وتغلب لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام نهى عَن ذبح نَصَارَى الْعَرَب وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ نَصَارَى الْعَرَب بِأَهْل كتاب وَلَا تحل لنا ذَبَائِحهم وَلَا تحل لنا ذَبَائِح بني تغلب لأَنهم لم يَأْخُذُوا من دين أهل الْكتاب إِلَّا شرب الْخمر وَأكل الْخِنْزِير
وَاعْلَم أَن الزَّنَادِقَة كالمجوس وَكَذَا الدروز لَا تحل ذَبَائِحهم والقريشة المصنوعة من ذَبَائِحهم لَا تحل وَالله أعلم
(فرع) تحل ذَبِيحَة الصَّبِي الْمُمَيز على الصَّحِيح وَفِي غير الْمُمَيز وَالْمَجْنُون والسكران قَولَانِ الصَّحِيح عِنْد الإِمَام وَالْغَزالِيّ وَجَمَاعَة عدم الْحل لأَنهم لَا قصد لم فأشبهوا النَّائِم إِذا كَانَت بِيَدِهِ سكين فَوَقَعت على حلقوم شَاة فَإِنَّهَا لَا تحل وَإِن قطعته مَعَ المريء وَالثَّانِي الْحل وَبِه قطع الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَالشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ كمن قطع حلق شَاة يَظُنّهُ خَشَبَة فَإِنَّهَا تحل لِأَن لَهُم قصدا وَإِرَادَة فِي الْجُمْلَة بِخِلَاف النَّائِم وَالصَّحِيح فِي الْمُحَرر وَزِيَادَة الرَّوْضَة وَشرح الْمُهَذّب الْحل والأخرس إِن كَانَ لَهُ إِشَارَة مفهمة حلت ذَبِيحَته وَإِلَّا فَفِيهِ خلاف وَالصَّحِيح الَّذِي قطع بِهِ الْأَكْثَرُونَ الْحل وَكَذَا تحل ذَكَاة الْأَعْمَى وَالْمَرْأَة وَإِن كَانَ حَائِضًا وَاحْتج لحل ذَبحهَا بِمَا ورد أَن جَارِيَة لآل كَعْب كَانَت ترعى غنما لَهُم فمرضت شَاة مِنْهَا فَكسرت مروة وذبحتها فَسَأَلَ مَوْلَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأجَاز لَهُم أكلهَا والمروة الْحجر الْأَبْيَض وَفِيه دلَالَة على جَوَاز الذّبْح بِهِ وَالله أعلم قَالَ
(1/520)


(وذكاة الْجَنِين بِذَكَاة أمه وَإِن وجد حَيا فيذكى
الْجَنِين الَّذِي يُوجد فِي بطن أمه المذكاة مَيتا أَو فِيهِ حَيَاة غير مُسْتَقِرَّة يحل وَإِن لم يذك ظَاهرا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة امهِ وَهُوَ بِرَفْع الذَّكَاة فيهمَا كَمَا هُوَ الْمَحْفُوظ فَتكون ذَكَاة أمه ذَكَاة لَهُ وَيُؤَيّد ذَلِك مَا روى مُسَدّد قَالَ كُنَّا يَا رَسُول الله نَنْحَر النَّاقة وننحر الْبَقَرَة وَالشَّاة فنجد فِي بَطنهَا الْجَنِين أنلقيه أم نأكله فَقَالَ كلوا إِن شِئْتُم فَإِن ذَكَاته ذَكَاة أمه وَهَذَا يبعد رِوَايَة نصب الذَّكَاة الثَّانِيَة يَعْنِي ذَكَاته مثل ذَكَاة أمه فَيذْبَح إِن أمكن وَإِلَّا حرم وَلَو خرج رَأس الْجَنِين مَيتا فذبحت أمه قبل انْفِصَاله حل قَالَه الْبَغَوِيّ لأَنا تحققنا أَنه لَا حَيَاة فِيهِ وَفِي كَلَام الإِمَام مَا يدل على عدم حلّه وَلَو خرج الْجَنِين وَفِيه حَيَاة مُسْتَقِرَّة يَتَّسِع مَعهَا الزَّمَان لذبحه فَلم يذبح وَلَو كَانَ مَعَ فقد الْآلَة حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ لَا يحل وَإِن لم يَتَّسِع الزَّمَان للذبح حل وَلَو خرج بعضه والحياة فِيهِ فَفِي حلّه بِذبح الْأُم خلاف صحّح النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب الْحل وَهُوَ مُقْتَضى تَصْحِيح الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْعدَد وَالْيَد الشلاء من الْمَأْكُول إِذا ذبح فَفِي حل أكلهَا وَجْهَان أصَحهمَا الْحل والوجهان مبنيان على أَنَّهَا كالميتة أم لَا وَالله أعلم قَالَ
(وَمَا قطع من حَيّ فَهُوَ ميت إِلَّا الشُّعُور المنتفع بهَا فِي المفارش والملابس وَغَيرهمَا)
الأَصْل فِي ذَلِك
حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن جباب أسنمة الْإِبِل وأليات الْغنم فَقَالَ مَا قطع من حَيّ فَهُوَ ميت وَفِي رِوَايَة مَا قطع من بَهِيمَة وَهِي حَيَّة فَهُوَ ميت ويستثى من عُمُوم ذَلِك شعر الْمَأْكُول وريشه وصوفه ووبره إِذا انْفَصل فِي حَيَاته بِقطع أَو قصّ فَإِنَّهُ طَاهِر وَكَذَا مَا تناثر أَو نتف فِي الْأَصَح لِأَن لنا فِي ذَلِك أثاثاً ومتاعاً إِلَى حِين وَقَول الشَّيْخ إِلَّا الشُّعُور يُؤْخَذ مِنْهُ أَن الْقرن والظلف وَالسّن والعظم إِذا انْفَصل فِي الْحَيَاة أَنه لَيْسَ كَذَلِك وَفِي ذَلِك كُله طَرِيقَانِ
أَحدهمَا أَنَّهَا كالشعور فَتكون طَاهِرَة من الْمَأْكُول نَجِسَة من غَيره وأصحهما أَنه نَجِسَة لِأَنَّهَا
(1/521)


بالأعضاء أشبه وَقد قَالَ تَعَالَى {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} والإحياء للْمَيت وَلِأَنَّهَا تحس وتألم فَدلَّ على أَنَّهَا تحلها الْحَيَاة فتنجس بِالْمَوْتِ بِخِلَاف الشُّعُور فَإِنَّهَا لَا تحلها الْحَيَاة وَلِهَذَا لَا تحس وَلَا تألم بِالْقطعِ وَلنَا فِي شُعُور غير الْمَأْكُول وَجه أَنَّهَا لَا تنحس لهَذِهِ الْعلَّة وَالله أعلم قَالَ
بَاب مَا يحل وَمَا يحرم من الْأَطْعِمَة فصل وكل حَيَوَان استطابته الْعَرَب فَهُوَ حَلَال إِلَّا مَا ورد الشَّرْع بِتَحْرِيمِهِ
طلب الْحَلَال فرض عين لِأَن اللَّحْم النَّابِت من الْحَرَام النَّار أولى بِهِ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَر
ثمَّ الأَصْل فِي حل الْأَطْعِمَة الْآيَات وَالْأَخْبَار قَالَ الله تَعَالَى {يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} وَالْمرَاد بِهِ هُنَا مَا تستطيبه النَّفس وتشتهيه وَلَا يجوز أَن يُرَاد بِهِ الْحَلَال لأَنهم سَأَلُوهُ عَمَّا أحل لَهُم فَكيف يَقُول أخل لكم الْحَلَال وَقَالَ تَعَالَى {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} وَقَالَ تَعَالَى {قُلْ لَا أجد فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} الْآيَة أَي فِيمَا أُوحِي إِلَيّ قُرْآنًا فَإِن غير ذَلِك حرمته السّنة وَقيل مَعْنَاهُ لَا أجد فِي مَا أُوحِي إِلَيّ محرما فِيمَا كَانَت الْعَرَب تستطيبه إِلَّا هَذِه الثَّلَاثَة قَالَ الْأَصْحَاب مَا يُمكن أكله من الجمادات والحيوانات لَا يَتَأَتَّى حصر أَنْوَاعه لَكِن الأَصْل فِي الْأكل الْحل لِأَن الْأَعْيَان مخلوقة لمنافع الْعباد
فَإِن القَوْل مَا قَالَت حذام
وَيسْتَثْنى من ذَلِك مَا ورد الشَّرْع بِتَحْرِيمِهِ وَقَول الشَّيْخ استطابته الْعَرَب احْتَرز بِهِ عَن الْعَجم فَإِنَّهُ لَا اعْتِبَار بهم لِأَن الله تَعَالَى لما أناط الحكم بالطيبات وَالتَّحْرِيم بالخبائث علم بِالْعقلِ أَنه لم يرد مَا تسطيبه وتستخبثه كل النَّاس لِاسْتِحَالَة اجْتِمَاعهم على ذَلِك لاخْتِلَاف طباعهم فَتعين إِرَادَة بَعضهم وَالْعرب أولى بذلك لنزول الْقُرْآن بلغتهم وهم المخاطبون بِهِ
ثمَّ طبائع الْعَرَب مُخْتَلفَة فيتعذر اعْتِبَار جَمِيعهم فَيرجع إِلَى من كَانَ فِي عصره عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَمَا قَالَه القَاضِي حُسَيْن وَغَيره وَأبْدى الرَّافِعِيّ لنَفسِهِ احْتِمَالا فِي عدم اختصاصهم بذلك وَأَنه يرجع فِي كل زمَان إِلَى عربه
(1/522)


وعَلى كل حَال فَيشْتَرط فيهم شُرُوط مِنْهَا أَن يَكُونُوا قريبين من الْبِلَاد والأرياف دون أهل الْبَوَادِي والمواضع المنقطعة فَإِنَّهُم يَأْكُلُون مَا دب ودرج وَمِنْهَا أَن يَكُونُوا ذَوي طباع سليمَة وَمِنْهَا أَن يستطيبوا الْحَيَوَان فِي حَال الرخَاء دون حَالَة الْقَحْط فَإِن استطابه الْبَعْض واستخبثه الْبَعْض اعْتبر بِالْأَكْثَرِ فَإِن اسْتَووا رجح بِقُرَيْش قَالَه الْعَبَّادِيّ وَغَيره فَإِن اخْتلفت قُرَيْش أَو لم يحكموا بِشَيْء رَجَعَ إِلَى شَبيه الْحَيَوَان فِي صورته أَو طعم لَحْمه أَو طبعه من السَّلامَة والعدوان فَإِن اسْتَوَى الشبهان أَو لم يُوجد مَا يُشبههُ فَالْأَصَحّ الْحل وَقيل يحرم وبناهما الْمَاوَرْدِيّ على الْخلاف فِي أَن الِاعْتِبَار قبل الشَّرْع فِي الْأَشْيَاء هَل هِيَ على الْإِبَاحَة أَو الْحَظْر وَلَو وجدنَا حَيَوَانا وَتعذر معرفَة حكمه من شرعنا وَثَبت تَحْرِيمه فِي شرع من قبلنَا فَهَل يستصحب تَحْرِيمه قَولَانِ الْأَزْهَر لَا وَإِنَّمَا يثبت أَنه شرع من قبلنَا بِالْكتاب أَو السّنة أَو بعد أَن أسلم مِنْهُم أنَاس عارفون بالتنزيل
إِذا عرفت هَذَا فَلَا بُد من ذكر نبذة مِمَّا يستطاب وَمِمَّا يستخبث أما المستطاب فكثير مَعَ اخْتِلَاف أَنْوَاعه وَهُوَ أنسي وَوَحْشِي فَمن الْإِنْسِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وحلها بِالْإِجْمَاع بعد قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} وَقَوله {وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} وَمِنْهَا الْخَيل لما روى
جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم خَيْبَر عَن لُحُوم الْحمر وَأذن فِي لُحُوم الْخَيل وَفِي رِوَايَة نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْحمير وَالْبِغَال وَلم ينهنا عَن الْخَيل وَالله أعلم
وَيحل من دَوَاب الْوَحْش الْبَقر لِأَنَّهَا من الطَّيِّبَات وَيَسْتَوِي فِي ذَلِك الْإِبِل والوعل وَكَذَا جَمِيع كباش الْجَبَل وغنمه وَكَذَا الْحمار لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أكل مِنْهُ وَلَا فرق بَين المتوحش والمستأنس كَمَا لَا يحل الْحمار الأهلي فِي الْحَالين والظبي والضبع والثعلب والأرنب واليربوع والقنفذ والوبر وَابْن عرس لِأَنَّهَا مستطابة وَفِي بَعْضهَا خلاف وَكَذَا يحل الضَّب لِأَنَّهُ أكل بِحَضْرَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلِهَذَا تَتِمَّة تَأتي إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَأما مَا يستخبث فكثير جدا مِنْهَا الْحَيَّات والعقارب والخنافس وَنَحْوهَا كالقراد وَالْقمل وَنَحْو ذَلِك لِأَنَّهَا من الْخَبَائِث قَالَ الله تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِم الْخَبَائِث} وَالله أعلم قَالَ
(وَيحرم من السبَاع مَاله نَاب قوي يعدو بِهِ وَيحرم من الطُّيُور مَاله مخلب قوي يجرح بِهِ)
(1/523)


كل مَا كَانَ من السبَاع لَهُ نَاب يعدو بِهِ على الْحَيَوَان ويتقوى بِهِ فَيحرم كالأسد والفهد والنمر وَالذِّئْب والدب والقرد والفيل والتمساح والزرافة وَابْن آوى لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام نهى عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع لِأَن هَذِه الْأَنْوَاع تعدو بنابها طالبة غير مَطْلُوبَة كَمَا قَالَه الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق لِأَنَّهَا لَا تَأْكُل إِلَّا من فريستها وَلِهَذَا لَا يحرم الضبع والثعلب وَنَحْوهمَا لفقد هذَيْن الْمَعْنيين وَفِي وَجه يحل الْفِيل وَفِي آخر يحل التمسساح وَفِي آخر يحل ابْن آوى وَفِي آخر تحل الزرافة وَلَا يُؤْكَل الْكَلْب لِأَنَّهُ من الْخَبَائِث وَكَذَا الْخِنْزِير لِلْآيَةِ وَفِي السنور خلاف وَالصَّحِيح التَّحْرِيم وَإِن كَانَ وحشياً لِأَنَّهُ يتقوى بنابه وياكل الْجِيَف فَأشبه الْأسد ورد عَن أبي الزبير قَالَ سَأَلت جَابِرا عَن ثمن الْكَلْب والسنور فَقَالَ زجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك وروى أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ إِن الله إِذا حرم شَيْئا حرم ثمنه وَيحل السمور والسنجاب والفنك والقاقم على الْأَصَح وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَالله أعلم وَكَذَا يحرم من الطُّيُور كل مَا يتقوى بمخلبه كالنسر والصقر والشاهين والبازي والحدأة بأنواعا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام نهى عَن أكل كل ذِي مخلب من الطُّيُور وَكَذَا يحرم مَا يَأْكُل الْجِيَف كالغراب الأبقع وَالْأسود الْكَبِير لِأَنَّهَا مستخبثان وَفِي تَحْرِيم الزاغ خلاف فَيحل مِنْهُ محمر المنقار وَالرّجلَيْنِ على الْأَصَح دون الغداف وَهُوَ رمادي صَغِير الجثة على الْأَصَح كَذَا صَححهُ النَّوَوِيّ فِي أصل الرَّوْضَة وَهُوَ سَهْو وَالَّذِي فِي الشَّرْح الصَّغِير الْحل فيهمَا لِأَنَّهُمَا يلقطان الْحبّ كالفواخت وَلَا يأكلان الْجِيَف بِخِلَاف الْأسود الْكَبِير وَيحل الكركي وَفِي الشقراق خلاف وَالله أعلم
(فرع) تكره الدَّابَّة الْجَلالَة سَوَاء الشَّاة وَالْبَقَرَة والدجاجة وَغَيرهَا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام نهى عَن أكل الْجَلالَة وَأَلْبَانهَا وَالْجَلالَة هِيَ الَّتِي أَكثر أكلهَا الْعذرَة الْيَابِسَة كَذَا قَالَه الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَقَالَ غَيره هِيَ الَّتِي تَأْكُل الْعذرَة وأطلقوا ذَلِك ثمَّ الْكَرَاهَة منوطة بِتَغَيُّر الرَّائِحَة وَالنَّتن فَإِن وجد فِي عرقها أَو غَيره ريح النَّجَاسَة فجلالة وَإِلَّا فَلَا كَذَا صَححهُ النَّوَوِيّ فِي أصل الرَّوْضَة وَهل النَّهْي عَن أكل الْجَلالَة للتَّحْرِيم أَو للكراهة وَجْهَان صحّح النَّوَوِيّ أَنَّهَا للتنزيه وعلته أَن النَّهْي إِنَّمَا كَانَ
(1/524)


للنَّجَاسَة وَمَا تَأْكُله من الطاهرات ينجس فِي كرشها فَلَا تتغذى إِلَّا بالنجاسات أبدا فَأكلهَا النَّجَاسَات إِنَّمَا يُؤثر فِي تَغْيِير لَحمهَا وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْكَرَاهَة كَمَا أَن المذكي إِذا جَاف لَا يحرم أكله على الْمَذْهَب وَصحح الرَّافِعِيّ فِي الْمُحَرر تبعا للْإِمَام وَالْغَزالِيّ وَغَيرهمَا التَّحْرِيم لظَاهِر الْخَبَر وَلِأَنَّهَا صَارَت من الْخَبَائِث لكنه حكى فِي الشَّرْح الْكَبِير عَن الْأَكْثَرين وَمِنْهُم الْعِرَاقِيُّونَ مَا صَححهُ النَّوَوِيّ وَالله أعلم قَالَ
(وَيحل للْمُضْطَر فِي المخمصة أَن يَأْكُل من الْميتَة مَا يسد بِهِ رمقه)
نَص الْقُرْآن الْعَظِيم على تَحْرِيم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَمَا أهل لغير الله بِهِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كالموقودة والمتردية والنطيحة وَمَا أكل السَّبع وَهَذَا فِي غير حَالَة الضَّرُورَة وَأما الْمُضْطَر فَيُبَاح لَهُ الْأكل كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} أَي فَأكل فَلَا إِثْم عَلَيْهِ ثمَّ الْأكل قد يجب لدفع الْهَلَاك
وَاعْلَم أَنه لَا خلاف أَن الْجُوع الْقوي لَا يَكْفِي لأكل الْحَرَام وَلَا خلاف أَنه لَا يجب الِامْتِنَاع إِلَى أَن يشرف على الْمَوْت فَإِن الْأكل حِينَئِذٍ لَا يُفِيد بل لَو انْتهى إِلَى هَذِه الْحَالة لم يحل لَهُ أكل الْميتَة فَإِنَّهُ غير مُفِيد وَلَا خلاف فِي الْحل إِذا كَانَ يخَاف على نَفسه لَو لم يَأْكُل من جوع أَو ضف عَن الْمَشْي وَعَن الرّكُوب أَو يَنْقَطِع عَن الرّفْقَة أَو يضيع وَنَحْو ذَلِك فَلَو خَافَ حُدُوث مرض مخيف حَبسه فَهُوَ كخوف الْمَوْت وَإِن خَافَ طول الْمَرَض فَكَذَلِك على الرَّاجِح وَلَو عيل صبره وجهده الْجُوع فَهَل يحل لَهُ الْمحرم أم لَا حَتَّى يصل إِلَى أدنى الرمق قَولَانِ فَقَالَ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة الْأَظْهر الْحل وَلَا يشْتَرط فِيمَا يخَاف مِنْهُ تَيَقّن وُقُوعه لَو لم يَأْكُل بل يَكْفِي غَلَبَة الظَّن فَإِذا انْتهى إِلَى الْحَالة الَّتِي يُبَاح لَهُ فِيهَا الْأكل فَمَاذَا يَأْكُل أما أكله مَا يسد بِهِ الرمق فَلَا خلاف فِي ذَلِك
وَلَا تحل لَهُ الزِّيَادَة على الشِّبَع بِلَا خلاف وَفِي حل الشِّبَع أَقْوَال ثَالِثهَا إِن كَانَ قَرِيبا من الْعمرَان لم يجز وَإِلَّا جَازَ وَرجح الْقفال وَكثير من الْأَصْحَاب الْمَنْع وَرجح الرَّوْيَانِيّ وَغَيره الْحل كَذَا أطلق الْخلاف أَكْثَرهم وَفصل الإِمَام وَالْغَزالِيّ تَفْصِيلًا
(1/525)


حَاصله إِن كَانَ فِي بادية وَخَافَ إِن ترك الشِّبَع أَن لَا يقطعهَا وَيهْلك وَجب الْقطع بالشبع وَإِن كَانَ فِي بلد وتوقع الْحَلَال قبل عود الضَّرُورَة وَجب الْقطع بالاقتصار على سد الرمق وَإِن كَانَ لَا يظْهر حُصُول طَعَام حَلَال وَأمكنهُ الرُّجُوع إِلَى الْمحرم مرّة بعد أُخْرَى إِن لم يجد الْحَلَال فَهُوَ مَوضِع الْخلاف وَقد اخْتلف تَرْجِيح الشَّيْخَيْنِ فِي ذَلِك وَبِالْجُمْلَةِ فَالصَّحِيح أَنه يَأْكُل مَا يسد الرمق لِأَنَّهُ بعد سد الرمق غير مُضْطَر فَزَالَ الحكم بِزَوَال علته لِأَن الْقَاعِدَة المقررة أَن الحكم يَدُور مَعَ الْعلَّة وجودا وعدماً قَالَ السّديّ قَوْله تَعَالَى {وَلا عَادٍ} أَي فِي الِاسْتِيفَاء إِلَى حد الشِّبَع وَمن قَالَ بالشبع علل بِأَنَّهُ طَعَام جَازَ مِنْهُ مَا يسد الرمق فَجَاز قدر الشِّبَع كالمذكى والاضطرار عِلّة لابتداء الْأكل دون استدامته كَمَا أَن فقد طول الْحرَّة عِلّة لابتداء نِكَاح الْأمة دون استدامته وعَلى هَذَا فَلَيْسَ المُرَاد بالشبع أَن يمتلئ حَتَّى لَا يبْقى للطعام مساغ فَإِن هَذَا حرَام بِلَا خلاف وَلَكِن المُرَاد أَن يَأْكُل حَتَّى يكسر سُورَة الْجُوع بِحَيْثُ لَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم جَائِع وَاعْلَم أَن الرَّافِعِيّ جزم فِي الْمُحَرر بِمَا فَصله الإِمَام وَالْغَزالِيّ وَهل لَهُ أَن يتزود من الْميتَة إِن لم يرج الْوُصُول إِلَى الْحَلَال فَلهُ التزود وَإِن رجا فَفِيهِ خلاف الْأَصَح فِي شرح الْمُهَذّب وَزِيَادَة الرَّوْضَة الْجَوَاز وَالله أعلم قَالَ
(وميتتان حلالان السّمك وَالْجَرَاد)
وَاعْلَم أَن الْحَيَوَان ثَلَاثَة أَقسَام
الأول مَا لَا يُؤْكَل فَهَذَا ميتَته وذبيحته سَوَاء
الْقسم الثَّانِي حَيَوَان مَأْكُول وَلَا تحل ميتَته فَهَذَا لَا يحل إِلَّا بالتذكية الْمُعْتَبرَة على مَا مر
الْقسم الثَّالِث حَيَوَان مَأْكُول تحل ميتَته وَهُوَ السّمك وَالْجَرَاد وَاحْتج لَهُ بِحَدِيث
ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ أحلّت لنا ميتَتَانِ الْحُوت وَالْجَرَاد ويحتج للسمك بقوله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} وَهل يحل أكل السّمك الصغار إِذا شويت وَلم يشق جوفها وَلم يخرج مَا فِيهِ وَجْهَان صحّح جمَاعَة التَّحْرِيم بِسَبَب مَا فِي الْجوف فَإِنَّهُ نجس وينجس مَا يقلى بِهِ وَوجه الْجَوَاز مشقة تتبعها قَالَ الرَّافِعِيّ وعَلى الْمُسَامحَة جرى الْأَولونَ وَقَالَ فِي الطَّاهِر أطبقوا على أكل المملح مِنْهُ وَلَو وجدت سَمَكَة فِي جَوف سَمَكَة فَهِيَ حَلَال كَمَا لَو مَاتَت حتف أنفها وَلَو تقطعت سَمَكَة فِي جَوف سَمَكَة وَتغَير لَوْنهَا لم تحل على الْأَصَح لِأَنَّهَا كالروث وَيكرهُ ذبح السّمك إِلَّا أَن يكون كَبِيرا تطول حَيَاته فَيُسْتَحَب ذبحه على الْأَصَح إراحة لَهُ وَلَو ابتلع سَمَكَة حَيَّة أَو قطع فلقَة مِنْهَا لم تحرم على الْأَصَح لَكِن تكره وطرد الْوَجْهَانِ فِي الْجَرَاد وَلَو ذبح
(1/526)


من لَا تحل ذَكَاته سَمَكَة حلت لِأَن نهايته إِنَّهَا ميتَة وميتتها حَلَال وَيحرم القاء السّمك فِي الزَّيْت الْحَار قبل مَوته عَافَانَا الله من عَذَابه
(فرع) حَيَوَان الْبَحْر إِذا خرج مِنْهُ مَالا يعِيش إِلَّا عَيْش الْمَذْبُوح كالسمك بأنواعه فَهُوَ حَلَال وَلَا حَاجَة إِلَى ذبحه وَسَوَاء مَاتَ بِسَبَب ظَاهر كصدمة أَو ضرب الصياد أَو غَيره أَو مَاتَ حتف أَنفه وَأما مَا لَيْسَ على صُورَة السموك الْمَشْهُورَة فَفِيهِ ثَلَاث مقالات أَصَحهَا الْحل وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَاحْتج بِهِ بِعُمُوم قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} وَبِقَوْلِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحل ميتَته وَقد نَص الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ على أَنه قَالَ يُؤْكَل فار المَاء خِنْزِير المَاء قَالَ النَّوَوِيّ فِي أصل الرَّوْضَة الْأَصَح أَن السّمك يَقع على جَمِيعهَا فعلى الصَّحِيح هَل يشْتَرط الذَّكَاة الرَّاجِح لَا وَتحل ميتَته كالسمك وَاحْتج لذَلِك بقول الصّديق رَضِي الله عَنهُ كل دَابَّة تَمُوت فِي الْبَحْر فقد ذكاها الله تَعَالَى لكم نعم قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِن كَانَ فِيهِ مَا يطول خُرُوج روحه كإبل المَاء وبقره لم يكره ذبحه إراحة لَهُ وَيسْتَثْنى من ذَلِك التمساح لِأَنَّهُ يتقوى بنابه وَالله أعلم
(فرع) يحرم الضفدع والسرطان والسلحفاة على الرَّاجِح وَالله أعلم
(فرع) صَاد سَمَكَة فِي بَطنهَا درة هَل يملك الدرة ينظر إِن كَانَت مثقوبة فالدرة لقطَة وَلَا يملكهَا إِلَّا بطريقة على مَا مر فِي اللّقطَة وَإِن كَانَت غير مثقوبة ملكهَا مَعَ السَّمَكَة وَالله أعلم قَالَ
بَاب الْأُضْحِية فصل الْأُضْحِية سنة
الْأُضْحِية بتَشْديد الْيَاء هُوَ مَا ذبح من النعم تقرباً إِلَى الله يَوْم الْعِيد وَأَيَّام التَّشْرِيق وَيُقَال لَهَا ضحية
وَالْأَصْل فِيهَا قبل الْإِجْمَاع قَوْله تَعَالَى {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ من شَعَائِر} الْآيَة وَقَوله سُبْحَانَهُ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} على الْمَشْهُور وَغير ذَلِك وَهِي سنة مُؤَكدَة وشعار ظَاهر يَنْبَغِي لمن قدر عَلَيْهَا أَن يحافظ عَلَيْهَا وَذهب مَالك رَحمَه الله إِلَى وُجُوبهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ يجب
(1/527)


على الْمُقِيم بِالْبَلَدِ الْمُوسر وَهَذَا الَّذِي يملك نِصَابا وَدَعوى الْوُجُوب مَمْنُوعَة بِالسنةِ الشَّرِيفَة فَفِي التِّرْمِذِيّ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ أمرت بالنحر وَهُوَ سنة لكم وأصرح من ذَلِك مَا روى الدَّارَقُطْنِيّ كتب عَليّ النَّحْر وَلَيْسَ بِوَاجِب عَلَيْكُم وَورد من حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ إِذا رَأَيْتُمْ هِلَال ذِي الْحجَّة وَأَرَادَ أحدكُم أَن يُضحي فليمسك عَن شعره وأظفاره وَجه الدّلَالَة مِنْهُ أَنه علق التَّضْحِيَة على الْإِرَادَة وَمَا هُوَ وَاجِب لَيْسَ هَذَا شَأْنه والْحَدِيث الْوَارِد بِوُجُوبِهَا رِوَايَة مَجْهُول وَإِن صَحَّ حمل على الِاسْتِحْبَاب جمعا بَين الْأَدِلَّة
إِذا عرفت هَذَا فالتضحية سنة على الْكِفَايَة إِذا فعلهَا وَاحِد من أهل بَيت تأدى عَن الْكل حق السّنة وَلَو تَركهَا أهل بَيت كره لَهُم ذَلِك والمخاطب بهَا الْحر الْقَادِر قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَللْإِمَام أَن يُضحي عَن الْمُسلمين من بَيت المَال وَلَا يجوز عَن الْمَيِّت على الْأَصَح إِلَّا أَن يُوصي بهَا نعم تجوز النِّيَابَة عَنهُ فِيمَا عينه بِنذر قبل مَوته وَالله أعلم قَالَ
(وَيُجزئ فِيهَا الْجذع من الضَّأْن والثني من الْمعز وَالْإِبِل وَالْبَقر وتجزئ الْبَدنَة عَن سَبْعَة وَالْبَقَرَة عَن سَبْعَة وَالشَّاة عَن وَاحِد)
يشْتَرط فِيمَا يضحى بِهِ أُمُور
أَحدهَا الذّبْح
وَالثَّانِي الذَّابِح وَقد مر ذكرهمَا
وَالثَّالِث الْوَقْت وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى الرَّابِع أَن يكون من الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم بأنواعها للآيات وَالْأَخْبَار قَالَ الله تَعَالَى {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} ولفعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يُجزئ من غَيرهَا بِالْإِجْمَاع وَلَا يُجزئ من الضَّأْن إِلَّا الْجذع وَهُوَ من الْغنم مَاله سنة على الْأَصَح وَفِي التَّهْذِيب وَغَيره أَنه الَّذِي لَهُ سنة أَو أسقط أَسْنَانه فَيكون كالبلوغ فَإِنَّهُ إِمَّا بِالسِّنِّ أَو الِاحْتِلَام قبله وَيشْهد لَهُ قَول القَاضِي أبي الطّيب أَن الاجذاع سُقُوط أَسْنَان اللَّبن ونبات غَيرهَا وَالَّذِي قَالَه الْجَوْهَرِي أَن الْجذع اسْم لزمنه وَلَيْسَ هُوَ سنا يسْقط وينبت وَقَالَ ابْن الرّفْعَة نقل بَعضهم عَن أهل الْبَادِيَة أَن الصوفة تكون على ظَهره قَائِمَة فَإِذا نَامَتْ علم أَنه جذع وَقيل مَاله سِتَّة أشهر وَقيل ثَمَان وَأما
(1/528)


الثني من الْمعز فَمَاله سنتَانِ على الْأَصَح وخالفت الضَّأْن لِأَن لَحمهَا دون لحم الضَّأْن فجبر بِزِيَادَة السن ورسمي ثنيا لطلوع ثنيته وَقيل يُجزئ مَاله سنة وَدخل فِي الثَّانِيَة وَأما الثني من الْإِبِل فَمَاله خمس سِنِين وَدخل فِي السَّادِسَة على الْأَصَح وَقيل مَا دخل فِي السَّابِعَة وَأما من الْبَقر فَمَاله سنتَانِ وَدخل فِي الثَّالِثَة على الْأَصَح وَقيل مَا دخل فِي الرَّابِعَة
وَاعْلَم أَنه لَا فرق فِي الْأَجْزَاء بَين الْأُنْثَى وَالذكر إِذا وجد السن الْمُعْتَبر نعم الذّكر أفضل على الرَّاجِح لِأَنَّهُ أطيب لَحْمًا وَنقل عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ الْأُنْثَى أحب من الذّكر وَهُوَ مؤول على جَزَاء الصَّيْد لِأَنَّهَا أَكثر قيمَة فيشتريى بهَا طَعَاما وتجزئ الْبَدنَة عَن سَبْعَة وَكَذَا الْبَقَرَة لما روى جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ نحرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحُدَيْبِية الْبَدنَة عَن سَبْعَة وَالْبَقَرَة عَن سَبْعَة وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق تُجزئ الْبَدنَة عَن عشرَة وَفِي البُخَارِيّ مَا يشْهد لَهُ وتجزئ الشَّاة عَن وَاحِد وَكَذَا عَن أهل الْبَيْت كَمَا مر وَالله أعلم قَالَ
(وَأَرْبع لَا تُجزئ فِي الضَّحَايَا العوراء الْبَين عورها والعرجاء الْبَين عرجها والمريضة الْبَين مَرضهَا والعجفاء الَّتِي ذهب مخها من الهزال)
يشْتَرط فِي الاضحية سلامتها من عيب ينقص اللَّحْم وَيدخل فِيهِ مسَائِل مِنْهَا العوراء الَّتِي ذهبت حدقتها وَكَذَا إِن بقيت على الْأَصَح لاطلاق الْخَبَر وَهُوَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة لَا تُجزئ فِي الْأَضَاحِي العوراء الْبَين عورها والمريضة الْبَين مَرضهَا والعرجاء الْبَين ضلعها والعجفاء الَّتِي لَا تنقي والنقي الشَّحْم وَقيل مخ الْعظم وَوجه عدم الْإِجْزَاء أَن الَّتِي ذهبت حدقتها فَاتَ مِنْهَا جُزْء مَأْكُول مستطاب وَإِن لم تذْهب فرعيها ينقص من جَانب العور فتهزل لَو بقيت وَمِنْهَا العرجاء للْخَبَر فَلَا تُجزئ العرجاء الَّتِي اشْتَدَّ عرجها بِحَيْثُ تسبقها الْمَاشِيَة إِلَى الْكلأ الطّيب وتتخلف عَن القطيع فَإِن كَانَ يَسِيرا لَا يخلفها عَن الْمَاشِيَة لم يضر وَلَو أضجعها ليضحي بهَا وَهِي سليمَة فاضطربت وانكسرت رجلهَا أَو عرجت تَحت السكين لم تجز على الْأَصَح لِأَنَّهَا عرجاء عِنْد الذّبْح
(1/529)


فَأشبه مَا لَو انْكَسَرت رجل شَاة فبادر إِلَى التَّضْحِيَة بهَا فَإِنَّهَا لَا تُجزئ وَمِنْهَا الْمَرِيضَة للْخَبَر فالمريضة إِن كَانَ مَرضهَا يَسِيرا لم يمْنَع الْإِجْزَاء وَإِن كَانَ بَينا يظْهر بِسَبَبِهِ الهزال وَفَسَاد اللَّحْم منع الْإِجْزَاء هَذَا هُوَ الْمَذْهَب وَفِي قَول أَن الْمَرَض لَا يمْنَع مُطلقًا وَالْمَرَض مَحْمُول فِي الحَدِيث على الجرب وَفِي وَجه أَن الْمَرَض يمْنَع مُطلقًا وَإِن كَانَ يَسِيرا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ قولا وَمن الْمَرَض الهيام وَهُوَ شدَّة الْعَطش فَلَا تروى من المَاء قَالَ أهل اللُّغَة هُوَ دَاء يَأْخُذهَا فتهيم فِي الأَرْض فَلَا ترعى وَمِنْهَا الْعَجْفَاء للْخَبَر فَلَا تُجزئ الْعَجْفَاء الَّتِي ذهب مخها من شدَّة هزالها لِأَنَّهُ داه مُؤثر فِي اللَّحْم فَإِن قل أَجْزَأت وَضبط الْأَصْحَاب الَّذِي يضر بِأَن يَنْتَهِي إِلَى حد تأباه نفوس المترفين فِي الرخَاء والرخص قَالَ ابْن الرّفْعَة يَنْبَغِي أَن يكون الْمرجع فِي ذَلِك إِلَى الْعرف قَالَ الْمَاوَرْدِيّ الَّتِي ذهب مخها إِن كَانَ لمَرض ضرّ وَإِن كَانَ لخلقة فَلَا يضر وَمِنْهَا الجرباء فَإِن كثر جربها ضرّ وَكَذَا إِن قل على الْأَصَح وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ بِأَنَّهُ دَاء يفْسد اللَّحْم والودك وَاخْتَارَ الإِمَام وَالْغَزالِيّ أَنه لَا يمْنَع الْإِجْزَاء إِلَّا الْكثير كالمرض وَكَذَا قَيده الرَّافِعِيّ فِي الْمُحَرر بالكثير وَمِنْهَا التولاء وَهِي الَّتِي تَدور فِي المرعى وَلَا ترعى وَمِنْهَا أَي من الْعُيُوب فقد الْأَسْنَان فَإِن ذهب بعض أسنانها لم يضر وَإِن تناثرت بِالْكَسْرِ أَو غَيره جَمِيع الْأَسْنَان قَالَ الإِمَام قَالَ الْمُحَقِّقُونَ يُجزئ لِأَنَّهُ لم يفت جُزْء مَأْكُول وَأطلق الْبَغَوِيّ وَجَمَاعَة أَنَّهَا لَا تُجزئ وَصَححهُ النَّوَوِيّ وَاحْتج بِأَن الحَدِيث النَّهْي عَن المشيعة وَقَالَ بَعضهم إِن كَانَ ذَلِك لمَرض أَو أثر فِي الْعلف وَنقص اللَّحْم فَلَا تُجزئ وَإِلَّا أَجْزَأت قَالَ الرَّافِعِيّ وَهُوَ حسن وَقَالَ الشَّافِعِي لَا نَحْفَظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْأَسْنَان شَيْئا وَلَا يجوز فِيهَا إِلَّا وَاحِد من قَوْلَيْنِ إِمَّا الْمَنْع لِأَنَّهُ يضر بِاللَّحْمِ وَإِن قل أَو الْإِجْزَاء كفقد الْقرن وَالله أعلم قَالَ
(وَلَا تُجزئ مَقْطُوعَة الْأذن أَو الذَّنب) لَا تُجزئ مَقْطُوعَة الْأذن وَكَذَا الْمَقْطُوع أَكثر أذنها بِلَا خلاف فَإِن كَانَ يَسِيرا فَفِيهِ خلاف الْأَصَح عدم الْإِجْزَاء لفَوَات جُزْء مَأْكُول وَضبط الإِمَام الْفرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير بِأَنَّهُ إِن لَاحَ من بعد فكثير وَإِلَّا فيسير وَلَو قطعت وَبقيت متدلية أَجْزَأت على الْأَصَح وَلَو كويت أَجْزَأت على الْمَذْهَب وَقيل لَا تُجزئ لتصلب مَوضِع الكي وتجزئ صَغِيرَة الْأذن وَلَا تُجزئ الَّتِي لم تخلق لَهَا أذن على الرَّاجِح وَتسَمى السكاء وتجزئ الَّتِي خلقت بِلَا آلية أَو ضرع فِي الْأَصَح وَالْفرق أَن الْأذن عُضْو لَازم بِخِلَاف الضَّرع والألية بِدَلِيل جَوَاز التَّضْحِيَة بِالذكر من الْمعز فَلَا تُجزئ مَقْطُوعَة الآلية والضرع على الْأَصَح لفَوَات جُزْء الْمَأْكُول وَكَذَا مَقْطُوعَة الذَّنب وَالله أعلم قَالَ
(وَيُجزئ الْخصي ومكسور الْقرن)
الْخصي هُوَ مَقْطُوع الْأُنْثَيَيْنِ وَالْمذهب أَنه يُجزئ لِأَن نقصهما سَبَب لزِيَادَة اللَّحْم وطيبه وَأغْرب ابْن كج فَحكى فِيهِ قَوْلَيْنِ وَجه عدم الْإِجْزَاء لما فِيهِ من فَوَات جُزْء مَأْكُول مستطاب
(1/530)


وتجزئ القصعاء وَهِي الَّتِي كسر قرناها من أَصلهمَا سَوَاء سَالَ الدَّم أم لم يسل وَكَذَا تُجزئ الْجَمَّاء وَهِي الَّتِي كسر أَحدهمَا وَكَذَا الجلحاء وَهِي الَّتِي لم يخلق لَهَا قرن وَقيل هِيَ الَّتِي ذهب بعض قرنها وَكَذَا القصماء وَهِي الَّتِي انْكَسَرَ غلاف قرنها وَكَذَا العضباء وَهِي الَّتِي انْكَسَرَ قرنها الْبَاطِن لِأَن ذَلِك كُله لَا يُؤثر فِي اللَّحْم فَأشبه الصُّوف نعم تكره التَّضْحِيَة بذلك كُله وتجزئ الَّتِي يشرب لَبنهَا وَهل تُجزئ الْحَامِل فِيهِ خلاف قَالَ ابْن الرّفْعَة الْمَشْهُور أَنَّهَا تُجزئ لِأَن نقص اللَّحْم يجْبر بالجنين وَفِيه وَجه لَا تُجزئ قَالَ ابْن النَّقِيب وَهَذَا الْوَجْه اقْتصر عَلَيْهِ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب على حكايته عَن أبي الطّيب أَنه نَقله عَن الْأَصْحَاب وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تُجزئ وَقَالَ الأسنوي وَمَا قَالَه ابْن الرّفْعَة على وَجه الضَّعِيف وَأَن الْمَشْهُور خِلَافه عَجِيب فقد صرح بِكَوْنِهِ عَيْبا يَعْنِي الْحمل خلائق مِنْهُم الْمُتَوَلِي وَجزم بِهِ شيخ الْأَصْحَاب الشَّيْخ أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ والعمراني وَالنَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب نقلا عَن الْأَصْحَاب وَفرقُوا بَين التَّضْحِيَة وَالزَّكَاة بِأَن الْمَقْصُود من الْأُضْحِية اللَّحْم وَهُوَ يهزلها وَالْمَقْصُود من الزَّكَاة الْقيمَة وَصرح بِهِ أَيْضا الْبَنْدَنِيجِيّ ورأيته فِي شرح الْمُهَذّب الْمُسَمّى بالاستقصاء وَنَقله عَن الْأَصْحَاب فَهَؤُلَاءِ أَئِمَّة الْمَذْهَب وجزموا بِهِ وَلَعَلَّ السَّبَب فِي قَول ابْن الرّفْعَة ذَلِك كَونهم ذكرُوا الْمَسْأَلَة فِي غير مظنتها
قلت يَنْبَغِي أَن يفصل فَيُقَال إِن كَانَت الْحَامِل سمينا فتجزئ قطعا للمعنى الْمَقْصُود من الْأُضْحِية وَلَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يمْنَعهَا وَلَا هِيَ فِي معنى الْمَنْصُوص عَلَيْهِ وَإِن لم تكن سَمِينَة فَإِن بَان بهَا الهزال فَلَا تُجزئ وَإِلَّا أَجْزَأت كنظيرها مِمَّن لَا حمل بهَا على أَن فِي كَلَام الرَّافِعِيّ مَا يدل على إجزائها مُطلقًا وَلِهَذَا قَالَ إِنَّهَا لَو عينت عَمَّا فِي الذِّمَّة أَجْزَأت ثمَّ قَالَ فِي أثْنَاء كَلَامه وَلِهَذَا لَو عابت عَادَتْ إِلَى ملكه وَهُوَ يَقْتَضِي أَن الْحمل لَيْسَ بِعَيْب هُنَا لِأَن الْمَعِيب لَا يجوز تَعْيِينه عَمَّا فِي الذِّمَّة وَمَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي البيع من أَن الْحمل ينقص لَحمهَا طَريقَة وَالله أعلم قَالَ
(وَوقت الذّبْح من وَقت صَلَاة الْعِيد إِلَى غرُوب الشَّمْس من آخر أَيَّام التَّشْرِيق)
يدْخل وَقت التَّضْحِيَة إِذا طلعت الشَّمْس يَوْم النَّحْر وَمضى قدر رَكْعَتَيْنِ وخطبتين خفيفات على الْمَذْهَب هَذَا لفظ الرَّوْضَة لكنه أقرّ الشَّيْخ صَاحب التَّنْبِيه فِي التَّصْحِيح على اعْتِبَار زِيَادَة على ذَلِك وَهُوَ أَن ترْتَفع الشَّمْس قدر رمح وَهَذَا الَّذِي اعْتَبرهُ الشَّيْخ فِي التَّصْحِيح ذكره الرَّافِعِيّ فِي الْمُحَرر وَحجَّة اعْتِبَار مُضِيّ قدر الصَّلَاة والخطبتين قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذبح قبل الصَّلَاة فَإِنَّمَا يذبح لنَفسِهِ وَمن ذبح بعد الصَّلَاة والخطبتين فقد أتم نُسكه وَأصَاب سنة الْمُسلمين قيل ظَاهر الْخَبَر يدل على اعْتِبَار الصَّلَاة فَلم عدلتم عَن ذَلِك إِلَى اعْتِبَار الْوَقْت فَالْجَوَاب أَن فعل الصَّلَاة لَيْسَ
(1/531)


بِشَرْط فِي دُخُول الْوَقْت بِالنِّسْبَةِ إِلَى أهل السوَاد بالِاتِّفَاقِ فَكَذَلِك فِي أهل الْأَمْصَار وَالله أعلم وَيخرج وَقت التَّضْحِيَة بِانْقِضَاء أَيَّام التَّشْرِيق لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّام منى كلهَا منحر وَلِأَن حكم ثَالِث أَيَّام التَّشْرِيق حكم اليوميين قبله فِي الزَّمن وَفِي تَحْرِيم الصَّوْم فَكَذَا فِي الذّبْح وَالله أعلم
(فرع) تكره التَّضْحِيَة لَيْلًا خشيَة أَن يُخطئ المذبح أَو يُصِيب نَفسه أَو يتَأَخَّر بتفريق اللَّحْم طرياً وَالله أعلم قَالَ
(وَيسْتَحب عِنْد الذّبْح خَمْسَة أَشْيَاء التَّسْمِيَة وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واستقبال الْقبْلَة بالذبيحة وَالتَّكْبِير وَالدُّعَاء بِالْقبُولِ)
تسْتَحب التَّسْمِيَة لقَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْم الله عَلَيْهِ} ورد أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حِين ذبح أضحيته قَالَ باسم الله فَلَو لم يسم حلت لِأَن الله تَعَالَى أَبَاحَ ذَبَائِح أهل الْكتاب وهم لَا يسمون غَالِبا وَورد أَن أُنَاسًا قَالُوا يَا رَسُول الله إِن قوما من الْأَعْرَاب يأتوننا بِاللَّحْمِ مَا نَدْرِي أذكروا اسْم الله عَلَيْهِ أم لَا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سموا الله تَعَالَى وكلوا فَدلَّ على أَنَّهَا غير وَاجِبَة وَغير ذَلِك من الْأَدِلَّة
وَأما الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد نَص الشَّافِعِي على استحبابها قِيَاسا على سَائِر الْمَوَاضِع وَلِأَن الله تَعَالَى رفع ذكره فَلَا يذكر إِلَّا وَيذكر مَعَه وَقد ثَبت ذكر التَّسْمِيَة وَأما تَوْجِيه الذَّبِيحَة إِلَى الْقبْلَة فَلِأَنَّهَا خير الْجِهَات وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَجه ذَبِيحَته إِلَى الْقبْلَة وَقيل يَنْبَغِي أَن يكره لِأَنَّهَا حَالَة إِخْرَاج نَجَاسَة فَهِيَ كالبول وَأجِيب بِأَنَّهَا حَالَة يسْتَحبّ فِيهَا ذكر الله تَعَالَى بِخِلَاف تِلْكَ وَفِي كَيْفيَّة التَّوْجِيه أوجه أَصَحهَا تَوْجِيه المذبح ليَكُون الذَّابِح مُسْتَقْبلا كَمَا هُوَ الْأَفْضَل وَأما التَّكْبِير فَفِي رِوَايَة أنس رَضِي الله عَنهُ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بِيَدِهِ الْكَرِيمَة سمى وَكبر وَوضع رجله المشرفة على صفحاتهما وَأما الدُّعَاء بِالْقبُولِ فمستحب وَلَفظه اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَإِلَيْك فَتقبل مني وَمعنى ذَلِك هَذِه نعْمَة وعطية مِنْك سقتها وَتَقَرَّبت بهَا إِلَيْك وَاحْتج لذَلِك بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ عِنْد التَّضْحِيَة بذاتك الكبشين اللَّهُمَّ تقبل من
(1/532)


مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد وَالله أعلم قَالَ
(وَلَا يَأْكُل المضحى شَيْئا من الْأُضْحِية الْمَنْذُورَة وَيَأْكُل من المتطوع بهَا وَلَا يَبِيع مِنْهَا)
الْأُضْحِية الْمَنْذُورَة تخرج من ملك النَّاذِر بِالنذرِ كَمَا لَو أعتق عبدا حَتَّى لَو أتلفهَا لزمَه ضَمَانهَا فَإِذا نحرها لزمَه التَّصَدُّق بلحمها فَلَو أَخّرهُ حَتَّى تلف لزمَه ضَمَانه وَلَا يجوز لَهُ أَن يَأْكُل مِنْهَا شَيْئا قِيَاسا على جَزَاء الصَّيْد وَدِمَاء الجبرانات فَلَو أكل مِنْهَا شَيْئا غرم وَلَا يلْزمه إِرَاقَة دم ثَانِيًا لِأَنَّهُ قد فعله وَفِيمَا يضمن أوجه الرَّاجِح وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَنه يغرم قِيمَته كَمَا لَو أتْلفه غَيره وَالثَّانِي يلْزمه مثل اللَّحْم وَالثَّالِث يشارط بِهِ فِي ذَبِيحَة أُخْرَى
وَأما المتطوع بهَا فَيُسْتَحَب لَهُ أَن يَأْكُل مِنْهَا بل قيل بِالْوُجُوب لقَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا} وَالصَّحِيح الِاسْتِحْبَاب لقَوْله تَعَالَى {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} جعلهَا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لنا لَا علينا وبالقياس على الْعَقِيقَة وَالْأَفْضَل التَّصَدُّق بِالْجَمِيعِ إِلَّا اللُّقْمَة أَو اللقمتان يأكلها فَإِنَّهَا مسنونة وَقَالَ الإِمَام وَالْغَزالِيّ التَّصْدِيق بِالْكُلِّ أحسن على كل قَول فَلَو لم يرد التَّصَدُّق بِالْكُلِّ فَمَا الَّذِي يفعل قيل يَأْكُل بِالنِّصْفِ وَيتَصَدَّق بِالنِّصْفِ لقَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} فَجَعلهَا الله نِصْفَيْنِ وَهَذَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الْقَدِيم وَقيل يَأْكُل الثُّلُث وَيهْدِي الثُّلُث وَيتَصَدَّق بِالثُّلثِ لقَوْله تَعَالَى {وأطعموا القانع والمعتر} فَجَعلهَا لثَلَاثَة والقانع الْجَالِس فِي بَيته والمعتر السَّائِل وَقيل غير ذَلِك وَهَذَا هُوَ الْجَدِيد الْأَصَح فعلى هَذَا فَمَا المُرَاد بِالَّذِي يهدى إِلَيْهِم قيل هم المتجملون من الْفُقَرَاء فَيرجع حَاصله إِلَى التَّصَدُّق بالثلثين وَهَذَا مَا حَكَاهُ أَبُو الطّيب عَن الْجَدِيد وَصَححهُ وَقيل هم الْأَغْنِيَاء وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد يَأْكُل الثُّلُث وَيتَصَدَّق بِالثُّلثِ وَيهْدِي الثُّلُث للأغنياء والمتجملين وَلَو تصدق بالثلثين كَانَ أحب وَنقل الْبَنْدَنِيجِيّ كَون التَّصَدُّق بالثلثين أفضل عَن النَّص وَالله أعلم
وَاعْلَم أَن مَوضِع الْأُضْحِية الِانْتِفَاع فَلَا يجوز بيعهَا بل وَلَا بيع جلدهَا وَلَا يجوز جعله أُجْرَة للجزار وَإِن كَانَت تَطَوّعا بل يتَصَدَّق بِهِ المضحي أَو يتَّخذ مِنْهُ مَا ينْتَفع بِهِ من خف أَو نعل أَو دلو أَو غَيره وَلَا يؤجره والقرن كالجلد وَعند أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنه يجوز بَيْعه وَيتَصَدَّق بِثمنِهِ وَأَن يَشْتَرِي بِعَيْنِه مَا ينْتَفع بِهِ فِي الْبَيْت لنا الْقيَاس على اللَّحْم وَعَن صَاحب التَّقْرِيب حِكَايَة قَول غَرِيب أَنه يجوز
(1/533)


بيع الْجلد وَيصرف ثمنه مصرف الْأُضْحِية وَالله أعلم
(فرع) مَحل التَّضْحِيَة بلد المضحي وَفِي نقل الْأُضْحِية وَجْهَان تخريجاً من نقل الزَّكَاة وَالصَّحِيح هُنَا الْجَوَاز وَالله أعلم
(فرع) لَو وهب غَنِيا من الْأُضْحِية هبة تمْلِيك قَالَ الإِمَام فَالْأَظْهر أَنه مُمْتَنع فَإِن الْهِبَة لَيست صَدَقَة وَالْأُضْحِيَّة يَنْبَغِي أَن تكون مترددة بَين الصَّدَقَة وَالْإِطْعَام وَالله أعلم قَالَ
بَاب الْعَقِيقَة فصل والعقيقة مُسْتَحبَّة وَهِي الذَّبِيحَة عَن الْمَوْلُود يَوْم السَّابِع ويذبح عَن الْغُلَام شَاتَان وَعَن الْجَارِيَة شَاة
الْعَقِيقَة فِي اللُّغَة اسْم للشعر الَّذِي على رَأس الْمَوْلُود وَهِي فِي الشَّرْع اسْم لما يذبح فِي الْيَوْم السَّابِع يَوْم حلق رَأسه تَسْمِيَة لَهَا باسم مَا يقارنها وَقيل غير ذَلِك وَالْأَصْل فِي استحبابها حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَحَدِيث سَمُرَة وَغَيره قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغُلَام مُرْتَهن بعقيقته تذبح عَنهُ فِي الْيَوْم السَّابِع ويحلق رَأسه وَيُسمى ويذبح عَن الْغُلَام شَاتَان وَعَن الْجَارِيَة شَاة وحجته حَدِيث أم كرز رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ((عَن الْغُلَام شَاتَان وَعَن الْجَارِيَة شَاة)) وَحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نفق عَن الْغُلَام بشاتين وَعَن الْجَارِيَة بِشَاة وَيَوْم الْولادَة مَعْدُودَة من السَّبْعَة على الصَّحِيح وَقيل لَيْسَ مِنْهَا وَنقل عَن نَص الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ الرَّافِعِيّ وَغَيره وَلَا تفوت بِفَوَات السَّابِع وَفِي الْعدة وَالْحَاوِي للماوردي أَنَّهَا بعد السَّابِع تكون قَضَاء وَالْمُخْتَار أَن لَا يتَجَاوَز بهَا النّفاس فَإِن تجاوزته فيختار أَن لَا يتَجَاوَز بهَا الرَّضَاع فَإِن تجَاوز فيختار أَن لَا يتَجَاوَز بهَا سبع سِنِين فَإِن تجاوزها فيختار أَن لَا يتَجَاوَز بهَا الْبلُوغ فَإِن تجاوزه سَقَطت عَن غَيره وَهُوَ الْمُخَير فِي العق عَن نَفسه فِي الْكبر وَاحْتج لَهُ الرَّافِعِيّ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ
(1/534)



الصَّلَاة وَالسَّلَام عق عَن نَفسه بعد النُّبُوَّة وَاحْتج غَيره بِهِ وَزَاد بعد مَا أنزلت سُورَة الْبَقَرَة وَهَذَا الحَدِيث ضَعِيف من جَمِيع طرقه وَقد نَص الشَّافِعِي رَحمَه الله على أَنه لَا يعق عَن نَفسه قَالَ النَّوَوِيّ وَقد رَأَيْت النَّص فِي الْبُوَيْطِيّ وَاعْلَم أَن الشَّاة هُنَا كالشاة فِي الْأُضْحِية فِي السّنة والسلامة من الْعُيُوب بِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا وَهَذَا هُوَ الاصح وَقيل تُجزئ هُنَا دون جَذَعَة ضَأْن وثنية معز بِخِلَاف الْأُضْحِية فَإِنَّهَا أكد لِأَنَّهَا أَعنِي الْأُضْحِية مُتَعَلقَة بِسَبَب راتب وَأمر عَام وَفِي وَجه أَنه يسامح بِالْعَيْبِ أَيْضا
وَالأَصَح أَن الْبَدنَة وَالْبَقَرَة أفضل من الْغنم وَقيل بل الْغنم أفضل أَعنِي شَاتين فِي الْغُلَام وشَاة فِي الْجَارِيَة لظَاهِر السّنة وَيسْتَحب أَن يَقُول عِنْد ذَبحهَا باسم الله اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك عقيقة فلَان وَيسْتَحب ذَبحهَا عِنْد طُلُوع الشَّمْس قَالَ الْبَنْدَنِيجِيّ وَحلق رَأسه يكون قبل الذّبْح وَعَن النَّص وَفِي التَّهْذِيب وَغَيره أَنه بعد وَقُوَّة لفظ الْخَبَر تعطيه قَالَ النَّوَوِيّ فَهُوَ أرجح وَيسْتَحب أَن ينْزع اللَّحْم بِلَا كسر عظم تفاؤلاً بسلامة أَعْضَاء الْمَوْلُود قَالَ ابْن الصّباغ وَلَو كَسره لم يكره فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَيفرق على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين لتعود الْبركَة على الْمَوْلُود وَيسْتَحب أَن لَا يتَصَدَّق بِهِ نيئاً بل مطبوخاً على الْأَصَح وَيسْتَحب طبخه بحلو على الْأَصَح تفاؤلاً بحلاوة أَخْلَاق الْمَوْلُود وَقيل يطْبخ بحامض قَالَ الرَّافِعِيّ فِي مَجْمُوع الصيدلاني مَا نَقله الإِمَام عَنهُ إِذا طبخ فَلَا يتَّخذ عَلَيْهِ دَعْوَة بل الْأَفْضَل أَن يبْعَث بِهِ مطبوخا إِلَى الْفُقَرَاء نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فَلَو دعاهم إِلَيْهِ فَلَا بَأْس وَالله أعلم
(فرع) يسْتَحبّ أَن يحنك الْمَوْلُود بِشَيْء حُلْو لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ يحنك أَوْلَاد الْأَنْصَار بِالتَّمْرِ وَيسْتَحب أَن يُؤذن فِي أُذُنه الْيُمْنَى وَيُقِيم فِي الْيُسْرَى وَرُوِيَ ذَلِك عَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَقد أذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أذن الْحُسَيْن حِين وَلدته فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا وَلَعَلَّه الْحسن وَأذن فِي الْيُمْنَى وَأقَام فِي الْيُسْرَى عمر بن عبد الْعَزِيز فِي أَوْلَاده رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَنهُ وَفِي الْبَحْر والابانة وَيسْتَحب أَن يقْرَأ فِي أُذُنه {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم} وَالله أعلم